كيف ينظر الأطباء والمهندسون لمقترح مثير للجدل للحد من هجرة الأدمغة؟
أثار مقترح فصل في مشروع قانون المالية لسنة 2025 للحد من هجرة الكفاءات والأدمغة (الطب والهندسة والتخصصات التقنية العالية) تقدّم به عدد من النواب جدلا واستياء،واعتبرته عمادتا الأطباء والمهندسين بأنّه غير دستوري وسالب للحرية ولا يحقّق أي إضافة للبلاد بل على العكس من ذلك ستكون تداعياته سلبية في المستقبل.
وتضمّن الفصل المقترح إجراءات للحدّ من هجرة الكفاءات إلى الخارج، تسديد خريجي الجامعات في مجالات الطب والهندسة والتخصّصات التقنية العالية الذين يختارون العمل في الخارج خلال السنوات الخمس الأولى بعد التخرّج 50% من تكاليف دراستهم الجامعية.
ونصّ الفصل على تسديد هذه المبالغ على أقساط سنوية لمدة محدودة، وفق جدول زمني يتم الاتفاق عليه بين المعني بالأمر ووزارة التعليم العالي.
"مبادرة غريبة"
رئيس عمادة المهندسين كمال سحنون وصف هذه المبادرة بالغريبة وقال إنّها لا ترتقي لأن تصدر العمادة بشأنها موقفا، مؤكّدا تعارضها مع الدستور.
وأضاف في تصريح لبرنامج "صباح الناس"، الثلاثاء 26 نوفمبر 2024، أنّ العمادة ترى بأنّ المقترح يتعارض مع الدستور، مرجّحا أن لا تتم المصادقة عليها استنادا إلى بعض النواب.
وتابع ''لنفرض جدلا أنّه تم تمرير المقترح..أعتقد أنّ الرئيس (قيس سعيّد) لن يقوم بختم قانون تضمّن مثل هذا الفصل لأنه غير دستوري".
وشدّد سحنون على أنّ تونس ليست سجنا وأنّه من غير المنطقي اتخاذ إجراء دون النظر في تبعاته المستقبلية.
وأشار إلى أنّ المهندسين يمثلون أكثر من 80 بالمائة من الكفاءات المهاجرة إلى الخارج، ويرى في المقترح وكأنّه موجّهة ضدّهم، حسب تصريحه.
لنفرض جدلا أنّه تم تمرير المقترح..أعتقد أنّ الرئيس (قيس سعيّد) لن يقوم بختم قانون تضمّن مثل هذا الفصل لأنه غير دستوري.
واعتبر سحنون أنّه لتكون المبادرة عملية يجب تصحيح المسار ووضع استراتيجيات وليس تقديم مقترحات يرى بأنّ هدفها خلق الإثارة.
وأضاف قوله: "الحلول واضحة وقد سبق للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية أن قدّم دراسة تتضمّن حلولا للحد من هجرة الكفاءات".
وتتمثل هذه الحلول في العناية بالمهندسين ماديا ومهنيا ومنحهم المجال للعمل المريح والمحفّز على الابتكار من خلال تغيير مناخ الاستثمار بصفة عامة من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مرتكز على المعرفة ويصبح المهندسون من خالقي الثروة، بحسب تصريحه.
"سالب للحريّة"
موقف عمادة الأطباء لم يكن مختلفا من حيث اعتبار هذا المقترح بأنّه غير دستوري وسالبا للحرية، وفق وصف كاتب عام عمادة الأطباء نزار العذاري في مداخلة هاتفية في برنامج "صباح الناس".
وقال إنّ هذا المقترح "سالب للحريات وخطير"، مشددا على أنّ المقترحات الردعية لا تكون ذات جدوى طويلة الأمد وقد يجعل الشبان ينفرون من التكوين في شعبة الطب".
وتابع قوله: "أن تمنعه (الطبيب) من العمل بالخارج وتطلب منه بإعادة كلفة تكوينه فهذا أمر سالب للحرية".
وأقر العذاري بأنّ هجرة الأطباء تمثّل اشكالا حقيقيا وصفه بالنزيف، ولكنّه شدّد على ضرورة النظر في الأسباب التي أدّت إلى ذلك ومعالجتها".
أن تمنع الطبيب من العمل بالخارج وتطلب منه بإعادة كلفة تكوينه فهذا أمر سالب للحرية.
وأكّد أنّ العمادة ستقدّم مقترحات حلول للحد من هجرة الأطباء، مشيرا إلى هجرة 1300 أغلبهم من الشبان في سنة 2023.
ومن بين المقترحات أن يعمل الطبيب الشاب المتخرج حديثا في عيادة طبيب ذو خبرة ويتقاسم معه العيادة من أجل تأطيره ودعم خبرته.
ومن المقترحات الأخرى تشارك مجموعة من الأطباء الشبان في عيادة تضمّ اختصاصات متعدّة.
ودعا نزار العذاري إلى تحسين ظروف العمل في المستشفيات ومكافحة العنف ضدّ الأطباء في المستشفيات العمومية.
من جهة أخرى أشار العذاري أنّه يمكن تقديم مبادرة تتعلّق بالأطباء الناجحين في مناظرة طبّ الإختصاص و الذين تمّ تعيينهم في اختصاصات وفقا لرغبتهم دون أن يتحصّلوا على المجموع المؤهل لذلك التخصص، شريطة العمل لمدة 5 سنوات في المستشفيات الداخلية مع توقيع التزام بذلك دون أن يوفوا به.
شكري اللّجمي